alg3ria

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مرحبا بكم في منتديات ألجريا


    رحم الله أبا خليل القباني**امرأة**سرد خطابي لحكاية شجرة الدر

    avatar
    a7mad
    عضو مشارك


    ذكر
    عدد الرسائل : 88
    العمر : 35
    علم الدولة : رحم الله أبا خليل القباني**امرأة**سرد خطابي لحكاية شجرة الدر 3dflag15
    تاريخ التسجيل : 03/12/2008

    رحم الله أبا خليل القباني**امرأة**سرد خطابي لحكاية شجرة الدر Empty رحم الله أبا خليل القباني**امرأة**سرد خطابي لحكاية شجرة الدر

    مُساهمة من طرف a7mad الإثنين ديسمبر 22, 2008 7:18 pm

    [

    كرَّم مهرجان دمشق المسرحي، عدداً من الفنانين المخضرمين، كان منهم الممثلة والمخرجة التونسية زهيرة بنت عمار، الحائزة إجازة في المسرح من جامعة السوربون، تلك
    الممثِّلة العريقة في كوميديا الشارع الفرنسية التي أنشأت مؤسسة "سنديانا" المسرحية. هذه الفنانة التي تعدُّ في العالم العربي إحدى الرائدات المبشرات بالمرأة كفاتحة اقتحمت عالم الإخراج المسرحي، بعد أن كانت مجرد إكسسوار يزيِّن الفرجة المسرحية، قدَّمت في ختام المهرجان عرض "امرأة"، للكاتب عز الدين المدني، متولِّيةً أمر الدراماتورجيا والإخراج بنفسها.
    تناول هذا العرض شخصية السلطانة شجرة الدر (عصمة الدين أم الخليل) الجارية التركية التي اشتراها الصالح نجم الدين أيوب، والتي تولَّت حكم مصر بعد وفاته، وذلك في زمن زحف الغزو الصليبي إلى مصر. تنطح العرض للدفاع عن سدادة حكم هذه المرأة التي أخفت نبأ وفاة زوجها في ذلك الوقت الحرج، كي لا تضعف معنويات الجند ويؤثِّر الخبر في سير المعركة. وفكرة الإقرار برجاحة حكم المرأة في تولِّيها سلطة دولة ما، خاصةً إن كانت أرضاً تنضح بالشرقية والتعامل مع المرأة كمخلوق معاق يعاني قصوراً عقلياً نفسياً، ما يجعلها صالحة لإنجاب الأطفال فقط، هي فكرة مكرورة، نوقشت كثيراً في العديد من البحوث والأعمال الفنية، وتمَّ الحديث عن نساء ملكات دولة في المنطقة العربية مثل؛ بلقيس (ملكة سبأ) وكليوباترا، وزنوبيا، ورضية الدين التي تولَّت سلطنة دلهي لأربع سنوات (بين عامي 1236 و1240) وغيرهن.. وكيف كنَّ قائدات عظيمات وعالمات مهتمات بالأدب والفنون، وكيف كانت عهودهن من أكثر الأزمنة رخاءً وعدلاً وعزة للدولة.. لكن إعلاناً عن حسن النية، نقول إنَّ العرض قدَّم فكرة إنسانية تشكِّل موضوعاً له وزنه في مجتمعات ذكورية، مثل مجتمعاتنا العربية. لكن المسألة هي أننا لا نتابع ندوة فكرية في مركز ثقافي ضمن قرية نائية، بل عرضاً يتطلَّب شروطاً إخراجية تتعلَّق بالسينوغرافيا والميزانسين، تمنحه سمة المسرحية، وهذا ما يفتقر إليه هذا العرض المبشِّر بحقوق المرأة المظلومة. في الأداء كانت زهيرة بنت عمار، مرتدية فستان سهرة عصري، مع مشلح يوناني يضفي عليه سمة تاريخية مفحمة تحيل إلى ماضي شجرة الدر كجارية، لا كملكة في دولة إسلامية سنة 647 للهجرة، في وسط خشبة المسرح الشرطية بامتياز، مع إضاءة وظيفية بحتة تفتقر لأدنى الاستخدامات الدرامية أو الإحالات الرمزية. بنت عمار مسيطرة على الفضاء المسرحي، وبنبرة خطابية واعظة، تسرد تاريخ شجرة الدر، لتبدو بمشلحها اليوناني أقرب إلى العرَّاف الضرير (تريزياس) المتنبِّئ بجريمة أوديب، وتسهب في تسميع تاريخ تلك الملكة، موجِّهةً كلامها إلى نهر النيل الذي يفترض رمزياً أنها تقف على ضفته، وترافقها في الأداء فتاتان تردِّدان بعضاً من جملها برتم ترتيلي واحد يؤرِّخ لأقوالها، محيلاً للجوقة في المسرح الإغريقي الراسخ في الذاكرة اللاواعية لفنانتنا المعاصرة.. هاتان الفتاتان تمثِّلان جاريتين رافقتا الملكة في عهد عبوديتها وحتى تولِّيها السلطنة.. وهما بالمناسبة، ترتديان فستان شجرة الدر ذاته، وتستمعان لنواحها وللعناتها المتواصلة الراثية ابنها الخليل الذي قتل بالسم، ليتولَّى الحكم بدلاً منه الابن الثاني للصالح أيوب (توران شاه)، الذي يهدِّدها بالقتل، فتهرب منه إلى القدس، حتى مقتله وعودتها لتولِّي مقاليد السلطة في عهد المماليك، ولتهزم الصليبيين وتدحرهم.
    وهذه الجوقة تهجو، بأفكار نهضوية تحيل لبدايات القرن العشرين ، التمييز الجنسي الذي أدى إلى تنازل شجرة الدر عن عرشها لزوجها الجديد المعز بالدين أيبك ولم تكن قد قضت في الحكم سوى ثمانين يوماً لا غير.
    ويختتم العرض بروي كيفية قبض المماليك على السلطانة بعد اغتيالها لزوجها الثاني، الذي تزوَّج عليها بعد تنازلها عن ولاية مصر له.. وذلك عن طريق السرد الخطابي وحسب، من دون أيِّ فعل درامي على الخشبة طوال ساعة العرض، ومن ثم استعداد شجرة الدر للإعدام، مع أنه تاريخياً تمَّ رميها من فوق سور القلعة من قبل جواري زوجة أيبك ،الأخرى الآخذة بثأر زوجها. بالتالي مشهد السجن والألم للمصير التراجيدي الذي ينتظر شجرة الدر غير مبرَّر تاريخياً، مع أنه المشهد الوحيد الدائر في الزمن الحاضر للعرض، ولا يسرد ذكريات خلت من ماضي الملكة.. وهنا نصل إلى نقطة تناقض، فالـ" flash back " المنطلق من المشهد الأول مع وقوف الملكة على ضفة النيل، يعود في الزمن الحاضر إلى السجن لا إلى النيل، نقطة بداية ذلك الاسترجاع السردي. ونرى السلطانة في المشهد الأخير ترتدي وجاريتاها اللون الأبيض، مع إضاءة علوية تبدو زهيرة بنت عمار فيها كقديسة، لا أرضية، في حالة تعبّر بوضوح عن آرائنا كنساء عربيات مفرطات العاطفية.
    والحقّ.. نشكر زهيرة بنت عمار على عرضها التعليمي هذا وجهودها المبذولة في محو أمية جمهورنا النخبوي من صحفيين ومسرحيين و شباب جامعيين يعتذرون من الضيفة التونسية لارتكابهم إثم الانفتاح على التجارب الأخرى .
    الفرجة الوحيدة التي زيَّنت فنانتنا التونسية "المسرحية" بها رقصات مرتجلة فرعونية الطابع (ونحن في مصر المملوكية!) تؤدِّيها السلطانة وهي تتحدَّث عن افتتان من اشتروها
    في سوق النخاسين بجمالها العجيب.

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 23, 2024 12:45 am